تعتبر قصيدة "رثاء بغداد" من القصائد الشعرية البارزة التي تعبر عن الحزن والألم العميق نحو مدينة بغداد، التي تعرضت لأحداث مأساوية ودمار هائل في القرن الثالث عشر. تميزت هذه القصيدة بمشاعر شديدة العمق تجاه المكان الذي تمثل للشاعر مصدر الهوية والحنين.
شمس الدين الكوفي |
يستعرض هذا المقال قيمة وأهمية هذه القصيدة في تسليط الضوء على مأساة بغداد وأثر الأحداث التاريخية على الفن والأدب، وكيف تجسدت تلك الأحداث في مشاعر الشاعر وتعبيراته الشعرية.
قصيدة شمس الدين الكوفي في رثاء بغداد
ملابس الصبر تبلينا ونبليها *** ومدة الهجر نفنيها وتفنينا
شوقا إلى أوجه متنا بفرقتها *** حزنا وكانت تحيينا فتحيينا
يادهر قد مسنا من بعدهم حرق *** من الفراق إلى التكفين تكفينا
وعدتنا بالتلاقي ثم تخلفنا *** فكم نرى منك تلوينا وتلوينا
ديارهم درست من بعدما درست *** نفسي بها من تلاقينا تلاقينا
قصيدته المؤلمة في رثاء بغداد:
عنـدي لأجــل فراقـكـم آلام *** فـإلام أعــذل فيـكـم والام
من كان مثلي للحبيـب مفارقًـا *** لا تعذلـوه فلـلكـلام كــلام
نعم المساعـد دمعـي الجـاري علـى *** خـدي إلا أنـه نـمـام
ويذيب روحي نوح كل حمامـة *** فكأنمـا نـوح الحمـام حمـام
إن كنت مثلـي للأحبـة فاقـدًا *** أو في فـؤادك لوعـة وغـرام
قف في ديار الظاعنين ونادهـا *** ((يا دار ما فعلت بـك الأيـام؟))
أعرضت عنك لأنهم قد أعرضوا *** لم يبق فيـك بشاشـة تستـام
يا دار أين الساكنون وأيـن *** ذياك البهـاء وذلـك الإعـظـام
يا دار أين زمان ربعـك مونقًـا *** وشعـارك الإجـلال والإكـرام
يا دار مذ أفلت نجومـك عنـا *** والله من بعـد الضيـاء ظـلام
فلبعدهم قرب الـردى ولفقدهـم *** فقد الهـدى وتزلـزل الإسـلام
فمتى قبلت من الأعادي ساكنًـا *** بعد الأحبـة لا سقـاك غمـام
يا سادتي أمـا الفـؤاد فشيـق *** قلـق وأمـا أدمعـي فسجـام
والدار مذ عدمت جمال وجوهكم *** لم يبق فـي ذاك المقـام مقـام
لا حظ فيها للعيون وليس *** لـلأقـدام فـي عرصاتهـا إقـدام
والله إني على عهد الهـوى *** باقٍ ولـم يخفـر لـدي ذمـام
فدمي حـلال إن أردت سواكـم *** والعيش بعدكـم علـي حـرام
يا غائبين وفي الفـؤاد لبعدهـم *** نار لها بيـن الضلـوع ضـرام
لا كتبكـم تأتـي ولا أخباركـم *** تـروى ولا تدنيكـم الأحــلام
نغصتـم الدنيـا علـي وكلمـا *** جد النوى لعبت بـي الأسقـام
ولقيت من صرف الزمان وجوره *** ما لـم تخيلـه لـي الأوهـام
يا ليت شعري كيف حال أحبتي *** وبـأي أرض خيمـوا وأقامـوا
مالي أنيس غيـر بيـت قالـه *** صب رمته من الفـراق سهـام
والله ما اخترت الفـراق وإنمـا *** حكمـت علـي بذلـك الأيــام
الشاعر
وهو الشيخ أبو المناقب شمس الدين محمود بن أحمد بن عبد الله بن داود ابن محمد بن علي الهاشمي الحارثي الكوفي الشهير بالحنفي الواعظ، وكان أديباً وشاعراً وعالِماً، ولد في بغداد عام 623هـ/1226م، وتولى التدريس بالمدرسة التتشية، وخطب في جامع السلطان، ووعظ في باب بدر.
حنين الشاعر لبغداد
تعتبر قصيدة "رثاء بغداد" للشاعر شمس الدين الكوفي من أبرز القصائد التي تعبر عن حزن وألم الشعراء نحو مدينة بغداد. تمتاز هذه القصيدة بالعمق والمشاعر الصادقة التي تنبع من قلب شاعر متأثر بمأساة مدينته الحبيبة.
الخلفية التاريخية
في القرن الثالث عشر، اجتاحت قوات الغزو المغولي مدينة بغداد، وألحقت بها دمارًا هائلًا. كانت بغداد في ذلك الوقت مركزًا حضاريًا وثقافيًا مهمًا، وكانت تعدّ من أبرز المدن في العالم الإسلامي. لكن بعد الغزو، تحولت بغداد إلى مدينة مدمرة، وانطفأت شمسها الثقافية والفكرية.
مضمون القصيدة
تعبّر قصيدة "رثاء بغداد" عن حنين الشاعر لمدينته المنكوبة. يصف فيها جمال بغداد السابق، ويشير إلى الألم الذي يشعر به بسبب فقدانه لهذه المدينة العظيمة. يستخدم الشاعر صورًا شاعرية مؤثرة لوصف الدمار والخراب الذي ألم ببغداد، ويعبر عن حزنه وأسىه.
صدى الحزن في رثاء بغداد: دراسة لتأثير شعر شمس الدين الكوفي
شكرًا لك على سؤالك. قصيدة رثاء بغداد لشمس الدين الكوفي هي واحدة من الأعمال الأدبية التي تعبر عن الألم والحزن العميق تجاه الدمار الذي أصاب بغداد. شمس الدين الكوفي، الذي عاش في العصر المملوكي، يُعتبر من الشعراء الذين تركوا بصمة واضحة في الأدب العربي بأشعارهم التي تحمل الكثير من العواطف والصور الشعرية القوية.
تُظهر القصيدة مدى تأثر الشاعر بالأحداث التي مرت بها المدينة، وخاصةً عند دخول المغول إليها، حيث تُعبر عن شعور الحزن والأسى الذي شعر به أهل المدينة والشاعر نفسه³. يُعتبر الكوفي من الشخصيات البارزة في ذلك الوقت، وقد كان له مكانة مرموقة حتى بعد واقعة هولاكو.
الختام
تعد قصيدة "رثاء بغداد" من الأعمال الشعرية التي تحمل في طياتها تاريخًا ومشاعرًا عميقة. إنها تذكير بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي، وبأهمية الحرص على عدم تكرار مأساة بغداد في المستقبل.